يتداول الذهب الآن قرب أدنى مستوياته في نحو 10 أسابيع، بينما يقف الدولار قرب أعلى مستوياته في 11 شهرًا.
وبينما يزداد الدولار قوة يفقد الملاذ الآمن بريقه يومًا بعد الآخر، وما إن يتنفس الذهب الصعداء، تخرج على الأسواق تصريحات من مسئولي الفيدرالي لتزلزل الأرض الثابتة من تحت أقدامه.
سخاء الفيدرالي
يكثر مسئولو الفيدرالي من التصريحات، فقد اتسموا بالسخاء على غير العادة، وبين الفينة والأخرى تخرج كلماتهم لتزيد حيرة الأسواق. ومع كل مفاجئة أو تصريح لمسئولي الفيدرالي الأمريكي، يصبح الأمر بمثابة ضغطًا إضافيًا على المعدن الأصفر الذي عانى خلال تعاملات يونيو الجاري.
وكلما تفاجأت الأسواق بالنظرة المستقبلية للفيدرالي تجاه موعد تحريك الفائدة، زاد الدولار قوة لينعكس ذلك على الذهب. وبينما يتجه الدولار لتسجيل أفضل مكاسب شهرية منذ مارس الماضي، يبدو أن الذهب على مشارف تسجيل أسوأ أداء شهري منذ خمس سنوات تقريبا.
ويبدو أن مخاوف المتعاملين قبل بيانات الوظائف الأمريكية، جاءت تزامنًا مع تجدد المخاوف بشأن فيروس كورونا النسخة الهندية دلتا بلس الذي سيعيد القلق والارتباك في الفترة القادمة.
تصريحات جديدة
وبعد تصريحات مفاجئة بشأن احتمالية خطأ الفيدرالي في تقديرات التضخم، والحيرة بين كون ما يمر به الاقتصاد الأمريكي تضخمًا مرحليًا أم تضخمًا حقيقيًا.
قال عضو الفيدرالي الأمريكي، راندل كوارلز، “إن أعضاء لجنة السياسة النقدية في البنك يدركون جيدًا أنهم قد يكونوا مخطئين بشأن معدلات التضخم”، وأضاف كوارلز: “إذا لم نشهد في غضون عام استقرارا في معدلات التضخم بالقرب من المستهدف 2%، فإن لدى البنك الأدوات اللازمة لمعالجة ذلك.”
وعلى الجانب الآخر قال كريستوفر والر، أحد محافظي مجلس الاحتياطي الاتحادي، إنه “شديد التفاؤل” بشأن الاقتصاد وإن البنك المركزي قد يبدأ رفع أسعار الفائدة في العام القادم. وأضاف عضو الفيدرالي لم تتغير نظرته حول قرار رفع الفائدة الأمريكية، محتفظًا بتوقعاته المتفائلة للغاية حول الاقتصاد الأمريكي.
وأكد في تعليقاته أنه لا يعلم متى سيقوم الفيدرالي برفع معدلات الفائدة، ويجب أن ينخفض معدل البطالة بشكل كبير، أو يظل التضخم مرتفعًا قبل قرار رفع الفائدة في 2022. توقعات التضخم تبدو ثابتة، ولكن لا يزال سوق العمل بعيدًا عن مستوياته قبل كورونا، وأشار إلى تفضيله لتوقعات التضخم عن استطلاعات الرأي عندما يأتي الأمر إلى قرارات السياسة النقدية.
وبرر تفضيله قائلًا: “هناك الكثير لفعله قبل اتخاذ قرار بشأن التناقص التدريجي للسياسة النقدية التسهيلية المتبعة من قبل الفيدرالي الأمريكي.”
وفيما يخص معدلات التضخم، يرى والر، أن التضخم سيكون مرتفعًا أعلى 2% خلال الأشهر المقبلة، وأنه في حالة رغبة الفيدرالي الأمريكي لرفع معدلات الفائدة في نهاية 2022 أو أوائل 2023، فعليه أولًا القيام بالتناقص التدريجي قبل ذلك.
ويؤدي رفع المركزي الأمريكي لأسعار الفائدة إلى زيادة تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن الأصفر، مما يقلص جاذبيته.
الذهب
وتفاقمت خسائر الذهب في هذه اللحظات من تعاملات اليوم الأربعاء ليضيف أكثر من 7 دولارات جديدة إلى سجله خسائره خلال تعاملات يونيو الجاري. ونزل الذهب إلى مستويات 1753 دولار للأوقية أو يتراجع بلغت نسبته 0.5% خاسرا ما يزيد عن 7 دولارات.
وانخفض الذهب خلال تداولات يونيو من مستويات 1905 دولار مطلع الشهر إلى المستويات الحالية خاسرا ما يقرب من 150 دولار أو بتراجع تبلغ نسبته حوالي 8%.
وكتب فريق OCBC في مذكرة: “على الرغم من أنه انتعش من عمليات البيع قبل أسبوعين، إلا أن الذهب استمر في التداول دون مستوى المتوسط المتحرك لـ 100 يوم.”
وأضافت المذكرة “نتوقع أن يستأنف الذهب اتجاهه الهبوطي هذا الأسبوع حيث تواصل الشركات والأسواق معنويات المخاطرة التطلع نحو احتمالات تشديد الشروط النقدية من بنك الاحتياطي الفيدرالي”.
وقال كايل رودا، المحلل لدى سوق آي.جي، إنه مع التداول في هذا النطاق، وإلى أن يخترق الذهب فوق مستوى 1800 دولار أو أقل من 1760 دولارًا، فإنه يبدو وكأنه اتجاه جانبي على المدى القصير.
الدولار هو الأقوى
وزاد مؤشر الدولار من مستويات أسفل الـ90 مقابل سلة من العملات الرئيسية، وذلك مطلع يونيو الجاري، إلى أعلى مستوياته خلال 11 أسبوع تقريبا. وارتفع الدولار من مستويات 89.8 نقطة بداية يونيو الجاري ليصل إلى مستويات 92.2 نقطة بارتفاع. فيما زاد مؤشر الدولار الدولار مقابل سلة من العملات الرئيسية حوالي 2.6% منذ بداية يونيو الجاري.
وقال إدوارد مير، المحلل لدى إي.دي أند إف مان كابيتال ماركتس، إن سوق الذهب شهدت تداولات فاترة إذ أن بعض المتعاملين في السوق ما زالوا مرتبكين بشأن توقعات سياسة مجلس الاحتياطي.
وتحول عدد من صانعي السياسات في البنك المركزي الأمريكي صوب لهجة تميل إلى التشديد النقدي على الرغم من قراءة أضعف من المتوقع للتضخم الأمريكي الأسبوع الماضي. ويحوم الدولار دون أعلى مستوى في شهرين مقابل منافسيه، مما يرفع تكلفة الذهب لحائزي العملات الأخرى.
لكن مير قال إن الدولار سيبدأ في التراجع مجددا، بسبب أن المشهد واضح على جبهة رفع أسعار الفائدة لمدة 18 شهرا إلى عامين على الأقل.
مؤشرات هامة
وتترقب الأسواق بمزيد من القلق بعضا من البيانات الأمريكية الهامة والتي قد تؤدي إلى مزيد من التصريحات بشأن رؤية مسئولي الفيدرالي للتضخم وتحسن سوق العمل والنمو الاقتصادي.
investing