*بقلم / محمد الصالحي

لقد مر النظام السعودي بعدة تقلبات في السياسية الداخلية والخارجية لها وفي كل مرحلة تظهر بشكل وبدور ينتفى مع ما سبقه، والذي آخرها هو اسلوب الانفتاح الاخلاقي داخلياً، والذي يعد تحولاً كبيراً في سياسة النظام السعودي الداخلية والتي يراد به إحداث تأثيرات خارجية.

ويجب ان لا يستغرب احد هذا التحول الكبير في السياسة السعودية والانفتاح في الجوانب الأخلاقية بشكل يتنافى مع التعاليم الدينية والعادات والتقاليد الاجتماعية، فمنذ تأسيسها كان يُطلب منها أن تمارس أدوار معينة لمواجهة تيارات تهدد أو تنافس التواجد الأمريكي في المنطقة.

فبعد الثورات التحررية التي شهدتها المنطقة منذ خمسينيات القرن الماضي والتي قادتها التيارات القومية العربية طُلب من السعودية ان تؤدي الدور الرجعي وذلك لمواجهة هذه التيارات وإفشال تحركاتها في تحقيق الوحدة العربية وبالفعل نجحت في ذلك.

وخلال الحرب الباردة بين امريكا والاتحاد السوفيتي طُلب من السعودية ان تؤدي الدور العقائدي الديني المتشدد لمواجهة الاتحاد السوفيتي وبالفعل نجحت في ذلك.

و في هذه المرحلة ترى امريكا واسرائيل ان الخطر عليها يكمن في سياسة وتوجه إيران ولأن إيران ليست عربية ولا تنتمي للقومية العربية فقد طُلب من السعودية ان تؤدي عدة ادوار لمواجهة ايران.

فكان الدور الاول هو الدور القومي وان لم تكن السعودية هي المتصدرة للموقف ولكن كانت هي الداعم الاول والرئيسي لصدام حسين في الحرب العراقية الإيرانية، وتحولت السعودية في تلك المرحلة من دولة رجعيه معادية للقومية الى دولة ذات سياسة خارجية قومية ولكنها فشلت في هذه المهمة التي اوكلت اليها وذلك لعدة اسباب منها ما هو متعلق بغزو الكويت وحرب الخليج وتحول نظام صدام من صديق وزعيم للقومية العربية الي عدو للسعودية.

ومنها ما يتعلق بسياسة ايران الخارجية التي تجاوزت الاطر القومية الى ما هو أبعد من ذلك وهو البعد الديني والعقائدي، وادى ذلك الي تحول السعودية الي تقمص الدور المذهبي واظهار نفسها كقائد ومدافع عن المذهب السني لمواجهة المذهب او التيار الشيعي الذي تنتمي اليه ايران ولكنها فشلت في ذلك لأنها حصرت المذهب السني في الحركة الوهابية التي ينتمي اليها النظام السعودي،  وكذلك ان ايران تجاوزت الاطار المذهبي في علاقاتها سواءً مع الانظمة او الحركات واصبحت تحالفاتها تضم كافه التيارات الدينية او القومية التي تلتقي معها في العداء للكيان الصهيوني والتواجد الامريكي في المنطقة.

و أخيراً طُلب من السعودية القيام بدور النظام المنفتح من اجل التأثير على الداخل الايراني وذلك لان الشعوب المسلمة الغير عربية تنظر الي العرب كقدوة دينية ويعتقدون ان العرب سواءً شعوباً أو حكومات لن يخرجوا عن اطار الدين وان اعمالهم وسياساتهم لن تتنافى مع الدين والتعليم الاسلامية، وقد استطاع هذا الاسلوب الانفتاحي للسعودية ان يؤثر نوعاً ما على الداخل الايراني والذي ظهر في الاحداث الايرانية الداخلية والتي تنادي بالتحررية الثقافية وحرية المرأة ولعل لسان حال بعض المنادين بذلك يقول لن نكون مسلمين اكثر من العرب.

ولا يهمنا هنا مدى نجاح أو فشل النظام السعودي في تحقيق أهدافه وأهداف حلفائه الرئيسيين، ولكن ما يهمنا هنا هو ان النظام السعودي لديه الاستعداد التام لاتخاذ اي سياسة أو القيام بأي دور لحماية مصالح وبقاء امريكا في المنطقة، وليس لديه أية ثوابت دينية أو قومية أو مذهبية حقيقية تحكمه، والثابت الوحيد الذي يحكم تصرفاته وسياسته هو أن بقاء امريكا في المنطقة بقاء للنظام السعودي وان حفظ الأمن القومي السعودي مرهون بحفظ الأمن القومي الاسرائيلي وأن تهديد أمن إسرائيل هو تهديد للسعودية.

*وكيل محافظة شبوة للشؤون التعليمية

By admin