الصناعات الصغيرة وتوطينها نبض الاقتصاد

حسن الوريث

في خضم التحديات الاقتصادية الجسيمة التي يواجهها اليمن يبرز صوتٌ اقتصاديٌ خافتٌ لكنه واعد يدعو إلى تشجيع الصناعات الصغيرة والمتناهية الصغر وتوطين الصناعات الكبرى.

هذا المسار الذي أثبت نجاحه في العديد من الدول النامية يُعد اليوم بمثابة الشريان الحيوي لمكافحة البطالة وتنشيط الدورة الاقتصادية المحلية وخطوة أساسية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي والتنمية المستدامة.

تُعتبر الصناعات الصغيرة والمتناهية الصغر بمثابة العمود الفقري لأي اقتصاد صاعد. ففي اليمن، حيث تتسع دائرة البطالة، خاصة بين الشباب والخريجين، تقدم هذه الصناعات حلولاً عملية ومرنة من خلال خلق فرص عمل سريعة ومنخفضة التكلفة كما أن الصناعات الصغيرة لا تتطلب رؤوس أموال ضخمة لبدء التشغيل ويمكنها استيعاب أعداد كبيرة من الأيدي العاملة الماهرة وشبه الماهرة من ورش الحرف اليدوية إلى معامل الأغذية الصغيرة ومشاغل الخياطة وتوفر هذه الصناعات دخلاً لآلاف الأسر وتُسهم في تدريب وتأهيل الأيدي العاملة مما يعزز من قدراتها الإنتاجية والإبداعية وكذا تلبية احتياجات السوق المحلي حيث تنتج هذه الصناعات سلعاً وخدمات تلبي متطلبات المجتمع مباشرة مما يقلل الاعتماد على الاستيراد ويوفر العملات الصعبة.

وتتميز الصناعات الصغيرة بقدرتها على التكيف السريع مع ظروف السوق المتغيرة مما يجعلها أكثر صموداً في الأزمات تُسهم في توزيع الدخل بشكل أوسع على مستوى الأفراد والمناطق مما يقلل من تركز الثروة في أيدي قلائل.

ويعد توطين الصناعات حصانة اقتصادية في عالم مضطرب

إلى جانب دعم الصناعات الصغيرة ويأتي مبدأ توطين الصناعات الكبرى كضرورة استراتيجية للحد من التبعية الاقتصادية وتعزيز الاستقرار القدرة على إنتاج السلع الأساسية والمحورية داخل الوطن، بدلاً من استيرادها وذلك عبر تقليل فاتورة الاستيراد خاصة للسلع الأساسية والاستراتيجية مثل الأدوية والمواد الغذائية المصنعة ومواد البناء مما يوفر كميات هائلة من العملة الصعبة ويسهم في تعزيز الأمن الاقتصادي حيث يجعل الاقتصاد أقل عرضة للتقلبات في سلاسل الإمداد العالمية أو القرارات السياسية الخارجية التي قد تؤثر على الواردات كما ان المصانع الكبرى تسهم في خلق فرص عمل دائمة ومتخصصة المصانع حيث تحتاج إلى مهندسين، فنيين، وعمالة متخصصة مما يوفر وظائف مستقرة ومجزية وتطوير الخبرات المحلية وبناء قاعدة معرفية وتقنية متقدمة .

ورغم الأهمية القصوى لهذه الصناعات تواجه مساعي تشجيعها وتوطينها في اليمن تحديات عديدة أبرزها البيئة التشريعية حيث الحاجة إلى قوانين وتشريعات داعمة ومحفزة للاستثمار في الصناعات الصغيرة والكبيرة وإغراق السوق بمنتجات مستوردة رخيصة أحياناً مما يضر بالمنتج المحلي والأهم ضرورة وجود استراتيجية وطنية واضحة وشاملة لدعم الصناعات الصغيرة وتوطين الكبيرة

ودعم الصناعة الوطنية

وإنشاء صناديق دعم متخصصة وتقديم قروض ميسرة بشروط ميسرة للمشاريع الصناعية الصغيرة وتطوير البنية التحتية وتحسين إمدادات الطاقة وشبكات الطرق، والمناطق الصناعية المؤهلة وحماية المنتج الوطني من خلال فرض الرسوم الجمركية المناسبة على السلع المستوردة التي لها بديل محلي وتشديد الرقابة على جودة المستورد وتوفير برامج تدريب مهني متخصصة تلبي احتياجات سوق العمل الصناعي وإطلاق حملات إعلامية مكثفة لتشجيع شراء المنتج الوطني، وإنشاء منصات تسويقية للمنتجات المحلية فهل حان الوقت لتُدرك القيادة اليمنية ومؤسساتها والمجتمع أنه لا سيادة اقتصادية حقيقية ولا استقرار إلا بامتلاك القدرة على الإنتاج محلياً لتتحول الورش الصغيرة والمصانع الوطنية إلى قلاع للصمود في وجه التحديات ومصادر للرزق ومفتاح لمستقبل اليمن الواعد.

By admin